فى البداية وقبل الحديث عن عملية التحنيط تلك العملية التى تعد واحدة من أتقن العمليات الطبية التى قام بها الفراعنة، لابد وان نعلم ان الفراعنة ايقونة حضارية مهمة جدا فى تاريخ البشرية وذلك لتفوقهم فى العديد من المجالات بشكل ملفت ومثير للاعجاب وخاصة مجال العمارة والبناء والدليل على ذلك الابتكار العظيم هو الكثير من المباني الفرعونية القديمة مثل المسلات والمعابد والاهرامات التى مازلت موجودة إلى وقتنا الحالى وهذا إن دل على شئ يدل على مدى إبداعهم واتقانهم الشديد فى العمل الذى أحدث دهشة علمية، وذلك بجانب علوم الفلك والتقويم الشمسى الذى فى غاية الدقة، ولم يقف إبداع الفراعنة عند هذا الحد ولكن النقطة التى أثارت تفكير الكثير من العلماء والمؤرخين هى تفوقهم الشديد فى علم الكيمياء والطب وخاصة فى عمليه التحنيط.
نبذة عن التحنيط
لقد ارتبطت الديانة المصرية القديمة بعقيدة البعث والخلود وذلك نظرا لايمانهم ان الموت هو باب العبور إلى عالم الحياة الدائمة ذلك السبب الذى جعلهم مولعين بابتكار طريقة لسر الخلود، فقاموا باختراع فن التحنيط، تلك الكلمة التى تحمل حولها الكثير من الغموض والاسرار وايضا العديد من علامات الاستفهام عندما يتم ذكرها بين الناس حتي، ولكن ذلك الغموض والاستفاهم لم يدم طويلا، حيث توصل المؤرخين إلى ذلك السر الذى قام به الفراعنة من آلاف السنين وذلك من خلال سجلات الكتاب والمؤرخين القدامى.
حيث تم تعريف التحنيط على أنه عملية طبية معقدة اشتهر بها القدماء المصريين وذلك من أجل الحفاظ على حثث الموتى من التحلل.
كيفية تحنيط الجثة
اعتقاد الفراعنة بالحياة بعد الموت من أهم الأسباب التى دفعتهم إلى ابتكار طريقة التحنيط وليس ذلك فقط بل قاموا بجعلها شرط من شروط البعث بعد الموت وذلك لسهولة التعرف على ملامح الجثة، ذلك بجانب بعض الشروط الأخرى إلا وهى ان يكون يكون المكان الذى تحفظ فيه الجثة مجهز بجميع المستلزمات التى يحتاجها الميت أثناء رحله الموت، وكانوا يعتقدون ان عدم توفر اى شروط من هذه الشروط قد يحدث خلل فى عمليه البعث مره اخرى.
عمليه التحنيط كما تم ذكرها من قبل انها من العمليات السرية التى لا يقوم بها إلا مجموعة من المختصين فى علم الكيمياء والطب وذلك بجانب كهنة المعابد، والمثير للاعجاب حقا هو قدراتهم بالفعل على تحنيط العديد من حثث الملوك لالاف السنين، وهنا لابد أن نطرح سؤالا مهما. هل عملية التحنيط الخاصة بممياوات الفراعنة تعتبر عمليه سرية لم يستطع احد التعرف عليها؟ والإجابة كانت لا لانه كما تم ذكرها من قبل أن الباحثون والمؤرخين استطاعوا التوصل إلى سر تحنيط جثث الموتى، حيث توصل الباحثون إلى العنصر الاساسى فى عمليه التحنيط وهو "ملح النترون" لانه يعمل كمجفف ومطهر للجثة، وكان يتم الحصول على ذلك الملح من أحواض النهر الجافة وبعض المدن القديمه مثل وادى النطرون والتى اطلق عليها قديما وادى الملح.
خطوات التحنيط
الجزء الأول
الجزء الأول من عمليه التحنيط، وكانت أولى هذه الخطوات هى استخراج المخ لان الفكرة الاساسية من عملية التحنيط هى الحفاظ على الجثة من التحلل والتأكل البكتيرى، ولهذا السبب كانوا يقومون بنزع المخ لأنه يحتوى على العديد من الخلايا العصبية القابله للتحلل وبسرعة كبيرة ومن ثم يقوموا بضخ كمية كبيرة من الصمغ النباتى داخل الجمجمة وذلك لمنع تحلل الدماغ من الداخل وتعد هذى الخطوة من أصعب خطوات التحنيط واشدها قسوة على الإطلاق.
الخطوة الثانية من الجزء الأول لهذه العملية يتم فيها استخراج الإحشاء وذلك لان المخ ليس وحده الذى قابل للتحلل، لأن الكبد والبنكرياس او المعدة بشكل عام تحتوى على العديد من الانزيمات الهاضمة التى تساعد على تحلل الجثة لذلك لابد وان يستخرجوا الإحشاء، ولكن الأكثر دهشة فى هذه الخطوة انهم يقوموا بإخراج جميع الإحشاء ماعدا القلب وذلك لاعتقادهم ان القلب هو مقر الروح والعاطفة وايضا لان له دور هام فى العالم الاخر.
ثم ننتقل إلى النقطة الأكثر ذكاء على الإطلاق وهى عدم تخلصهم من الأعضاء التى تم استخراجها من الجسم بل يتم وضع كل عضو فى إناء يحتوى على ملح النترون وذلك لاعتقادهم ان الأعضاء ستتجمع مره اخرى ليعود كل عضو من هذه الأعضاء إلى مكانه الصحيح وذلك فى حياة البعث مره اخرى.
الجزء الثاني
وفى هذا الجزء وبعد أن تم إزالة جميع الأعضاء تكون الجثة فى هذا الجزء جاهزة لأن تنقع فى ملح النترون لقدرته العالية على منع الجثة من التعفن والقضاء على البكتريا، وذلك من خلال حشو البطن بلفائف من الكتان المنقوعة فى ملح النترون وذلك للقضاء على البكتريا من جهة وإعطاء الجثة الشكل الأنسيابى مشابة للصورة الإنسانية التى كانت علية من جهه أخرى.
لم تتوقف مهمة ملح النترون على لفائف الكتان فقط حيث يتم نقع الجثة فى كميه هائله من الملح لمدة 35 يوم وبعد تلك المده تتحول الجثه إلى هيكل صلب خالى تماما من السؤال، ورغم انهم استطاعوا الحفاظ على الجثة من التحلل إلا انهم لم يستطيعوا التخلص من الرائحة الكريهة المنبعثة إلا أن قاموا بصب كمية كبيرة من صمغ الأشجار على محيط الجسم من الخارج وذلك بالاضافة إلى العديد من الزيوت الاخرى.
ثم يتم الانتقال إلى النقطه المهمة وهى لف المومياء بمجموعة من الاقمشة والكتان وذلك للوصول إلى الشكل النهائى للمومياء المحنطة، ثم يتم وضع الجثة فى عده توابيت ولكن التابوت الاخير يتم نقش صورة الملك عليه ثم يتم وضع المومياء فى المقبرة الخاصه به والتى تكون مجهزة بكل الأغراض الخاصة بالملك من مجوهرات واثاث وملابس وغيرها من الأشياء؛ ذلك بالإضافة إلى عمليات تأمين المقبره لحمايتها من اللصوص.
وبعد أن تم توضيح عمليه التحنيط التى هى إحدى العمليات المثيرة للدهشة تم التوصل إلى أن الفراعنة كانوا فى غاية الدقة والاتقان ويعبر بالفعل عن اتقان وتقدم المصريين القدماء فى الطب والكيمياء، اى نعم ان جثث المميوات لم تكن كاملة وانها مفرغة من الأعضاء ولكن ذلك لا يقلل من دقتهم وابداعهم على الإطلاق.